نروي الهبّة: من الشيخ جرّاح إلى غزّة | ملفّ

 

مع بداية شهر رمضان عام 2021، انطلقت الشرارة من القدس، بعد تصعيدات إسرائيليّة شهدتها العاصمة الفلسطينيّة المحتلّة، حيث فرض الاستعمار تضييقات على سكّان المدينة وزائريها الفلسطينيّين، عبر نصب حواجز في باب العمود، وكذلك محاولته تطبيق سياسات تطهير عرقيّ وتهجير فلسطينيّين من منازلهم في حيّ الشيخ جرّاح لصالح مستوطنين. توسّعت المواجهات لتشمل كلّ فلسطين، وتحديدًا بعد اقتحام القوّات الإسرائيليّة للمسجد الأقصى، وتصعيد المقاومة في غزّة دفاعًا عن المصلّين والمنتفضين في مختلف مواقع الانتفاض. شنّت إسرائيل حربًا شرسة على القطاع في العاشر من أيّار (مايو)، استمرّت 11 يومًا، ارتكبت فيها جرائم حرب بشعة؛ وقد استشهد 254 فلسطينيًّا في القطاع، بينهم 66 طفلًا، وطال القصف الإسرائيليّ المنازل والأبراج والشقق السكنيّة، وأُبيدت عائلات بأكملها وشُطبت من السجلّات.

شهدت مدن الساحل الفلسطينيّ، المعروفة بـ «المدن المختلطة»، احتجاجات واسعة، وتعرّض أهلها الفلسطينيّون، بيوتهم وسيّاراتهم وممتلكاتهم، إلى هجمات من عصابات قوميّة صهيونيّة يمينيّة عُرِفَت بـ «عصابات المستوطنين»، وقد أُعْلِنَتْ  في مدينة اللدّ «حالة طوارئ خاصّة»، وسرعان ما انضمّت قرى ومدن الضفّة الغربيّة للهبّة الشعبيّة، وتحديدًا في قرية بيتا. كما شهدت الحدود الأردنيّة زحفًا ضخمًا نحو الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، وقد تمكّن متظاهران أردنيّان من تجاوز الحدود واعتُقِلا. وقد حصل أمر شبيه بذلك على الحدود اللبنانيّة، وارتقى أحد المتظاهرين هناك شهيدًا بعد قتل القوّات الإسرائيليّة له. 

«نروي الهبّة: من الشيخ جرّاح إلى غزّة»، ملفّ خاصّ أطلقته فُسْحَة - ثقافيّة فلسطينيّة خلال أحداث الهبّة في أيّار (مايو)، واستمرّت في استقبال موادّه ونشرها حتّى منتصف شهر آب (أغسطس)، بهدف تقديم سرديّة حول «هبّة القدس» (2021)، الموصوفة أيضًا بـ «هبّة الكرامة والأمل».

رأت هيئة تحرير المجلّة ضرورةً ملحّة في توثيق الهبّة من أجل حفظ وقائعها المركزيّة، بالإضافة إلى تسليط الضوء على ظواهر بارزة فيها، ولا سيّما ثقافيّة واجتماعيّة وجماليّة، وتحديدًا بعد أن لمسنا خلال سنوات عملنا في الشأن الثقافيّ والمعرفيّ الفلسطينيّ، قصورًا كبيرًا في التأريخ لهبّات الفلسطينيّين في القرن الواحد والعشرين، من قبل المؤسّسات الّتي يجب أن تضطلع بهذه المهمّة، كما حصل مثلًا مع "هبّة محمّد أبو خضير"، الّتي ندّعي أنّها كانت فارقةً في التأسيس لوعيٍ وفعلٍ فلسطينيّين جديدين، ولم تأخذ حقّها في التوثيق والتأريخ والبحث والتعبيرات الجماليّة، وكي لا نقع في الخلل نفسه إزاء هذه الهبّة الشاملة، أخذنا على عاتقنا إنجاز هذا الملفّ.

نحاول هنا فهم ما حدث خلال «هبّة القدس»، وأيّ خطاب جمعيّ أنتجتْه في مواجهة سياسات الاستعمار الإسرائيليّ، وأيّ أفعالٍ ومعرفةٍ أدّت إلى إنجاز الجماعة الفلسطينيّة نصرًا في هذه الجولة من الصراع؛ وذلك عبر 34 مادّةً، من مقالات ثقافيّة، ودراسات قصيرة، وتقارير، وحوارات، وشهادات ميدانيّة، ونصوص أدبيّة، وترجمات، ساهم بها كتّاب وشعراء وصحافيّون وباحثون وناشطون وصنّاع محتوى، من مختلف أماكن وجود الشعب الفلسطينيّ والمنطقة العربيّة.

 

المساهمون في الملفّ: أحمد أبو سليم، أحمد أسعد، أحمد الدبش، أحمد زكارنة، أريج أبو حرب، أريج مواسي، أسامة طنّوس، إسراء عرفات، إسلام السقّا، أسماء عزايزة، آلاء كراجة، أنس إبراهيم، أنس العيلة، إيهاب بزاري، بدر عثمان، تغريد عبد العال، جاد قعدان، جنان عبده، جوني عاصي، جوني منصور، حسام معروف، حمزة العقرباوي، سلافة زيداني، سها عرّاف، سهيلة عبد اللّطيف، ضحى إدكيك، عبدالله البياري، عديّ البرغوثي، لؤي وتد، مرزوق الحلبي، مهنّد صلاحات، ميساء منصور، مهيب الرفاعي. 

 

تدقيق: د. سامي حمام | تصميم: نوّاف رضوان | دعم تقنيّ: باسل شليوط.

إشراف وتحرير: علي مواسي.